تجسد كرة القدم الحركة المستمرة إلى ما لا نهاية. فالساحرة المستديرة لا تتوقف أبداً عن الدوران، مهما كان الزمان ومهما كانت الظروف، وإن عاد الأمر للاعبين والمشجعين لاستمر لعب كرة القدم يوماً بعد يوم دون توقف. فبالنسبة للاعبين لا سعادة تضاهي تلك التي يشعرون بها عندما يداعبون الكرة بأقدامهم أما المشجعون، فسعادتهم تتمثل في الإنتشاء بإنجازات اللاعبين. ومع ذلك، يحدث أحياناً أن تلغى المباريات، وعادة ما يكون السبب سوء الأحوال الجوية وغيره من الأسباب التي تثير الدهشة وهي التي يقدمها لكم موقع FIFA.com.
لنعد بالذاكرة إلى النهائي الحاسم لنيل لقب بطل الدوري الألماني لكرة القدم سنة 1894، بين هاناو 93 وفيكتوريا برلين. ولعدم وجود موارد مادية كافية، لم يستطع لاعبو هاناو السفر إلى العاصمة من أجل إجراء اللقاء ليحسم بذلك اللقب لمصلحة فيكتوريا برلين بسبب غياب خصمه. وبعد مرور قرن من الزمن، قرر الفريقان اللذان يلعبان اليوم في الدرجات الدنيا إعادة هذا الفصل من التاريخ وإجراء تلك المباراة بعد 113 سنة.
وهكذا حسمت المباراة على الميدان سنة 2007، وحددت هوية بطل الدوري الألماني لسنة 1894. وللتاريخ، تواجه الفريقان في الذهاب والإياب ولعبا بكرة من الجلد كانت سائدة في تلك الفترة. وقد انتهى اللقاء لصالح فيكتوريا (3-0، و1-1).
الوثائق من فضلكم
مع حلول قرن جديد ظهر بعض الهموم الإدارية الجديدة. ففي سنة 2007، ألغى FIFA مباراة التأهل إلى نهائيات كأس العالم FIFA 2010 بين نيوزيلندا وفيجي، بعد أن رفضت الحكومة النيوزيلندية منح التأشيرة لحارس مرمى منتخب فيجي سيميوني تامانيساو. وفي سبيل الحفاظ على نزاهة التصفيات في منطقة أوقيانوسيا، قرر FIFA عدم السماح بإجراء المباراة، وتم تأجيلها لتقام بعد سنة من ذلك التاريخ في نوفمبر/تشرين الثاني 2008. وفي نفس الوقت، كانت نيوزيلندا قد ضمنت التأهل إلى الدور التالي وتمكنت من محو هزيمتها بهدفين نظيفين على أرضها. والدليل على حكمة هذا القرار أن الهدفين كانا من توقيع لاعب منتخب فيجي روي كريشنا.
ونوع آخر من "الورق" كان وراء تأجيل مباراة بين إف سي جرونينج وأياكس أمستردام في الدوري الهولندي في أبريل/نيسان 2008. فبسبب تحمسهم لاستقبال نجوم أمستردام، قام مشجعو جرونينج برمي ورق الحمام على أرضية الملعب عند دخول اللاعبين. غير أن البعض ارتأى أن يضرم النار في الورق قبل أن يرمي به في الميدان، مما تسبب في إشعال حريق قرب مدرجات الجماهير السعيدة التي لم تلق له بالاً، بينما سبب الحريق نقصاً في الأوكسجين بين اللاعبين والجماهير وتأجيل المباراة إلى تاريخ لاحق.
ولكن ذلك لم يعن الكثير بالنسبة لجمهور أياكس أمستردام، فقد سبق وتم إلغاء مباراة لفريقهم قبل ذلك بشهر واحد. ولم تكن تلك المباراة عادية بل كانت مباراة الكلاسيكو مع إيندهوفن متصدر الدوري آنذاك. ولم يكن ذلك التأجيل لدواعٍ أمنية، بل بسبب مسؤولي الأمن إذ كانت الشرطة الهولندية تخوض إضراباً عن العمل ذلك اليوم.
وشاءت الصدف أن يتم في نفس الأسبوع إلغاء يوم كامل من المباريات الدوري في زيمبابوي بقرار من الشرطة، ليتسنى لسلطات البلاد الإعداد للإنتخابات الرئاسية في أحسن الظروف. ومن الواضح أن كرة القدم، رغم كونها تمثل شغفاً بل ديناً بالنسبة للكثيرين، إلا أنها تتراجع لتحتل الدرجة الثانية عندما يتعلق الأمر بأحداث سياسية. وفي نفس السياق، من السهل أن نتفهم إلغاء مباريات الدوري الأمريكي وفي باقي بلدان العالم خلال نهاية الأسبوع التي تلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. وكان وقع وفاة الأميرة ديانا في أغسطس/آب 1997 كبيراً أيضاً، وإن كان أقل وطأة من تلك الأحداث السياسية، حيث تسبب في تأجيل مباراة الدوري الممتاز بين نيوكاسل وليفربول، وكذلك مباراة كروو وبورت فال، ضمن دوري الدرجة الأدنى.
مادونا وبيكهام وخنازير برية
كان من المقرر أن تقام على ملعب فيلودروم في شهر أغسطس/آب 2009 مباراة في الدوري الفرنسي الممتاز بين أوليمبيك مارسيليا وليل، ولكنها نقلت إلى مونبلييه لأن ملعب مارسيليا لم يعد صالحاً لاحتضان الحدث بعد سقوط المنصة التي هيئت من أجل حفل مادونا. وقد ألغيت أيضاً مباراة ودية بين لوس أنجليس جلاكسي وكوينزلاند رود في أستراليا، حيث أن مشاركة ديفيد بيكهام لم تكن مضمونة مئة في المئة بسبب تعرضه للإصابة قبل موعد تلك المباراة بأسبوع واحد!
ومع ذلك، فإن حق إلغاء المباريات ليس حكراً على كرة المحترفين. ففي عالم الهواة، تتعد أسباب تأجيل المباريات وتعليقها وهي أسباب استثنائية أحياناً. ما السبب الذي كان وراء إلغاء إحدى مباريات الدوري الإقليمي الإنجليزي في جلوسيستيرشاير في مارس/آذار 2008؟ هل كان السبب هو سوء الأحوال الجوية أم إضراب الحكام أم الأنفلونزا؟ لا شيء من ذلك. فلاعبو ساوندلي كان عليهم استقبال نظرائهم من تشارفيلد في ملعب ريكرييشن جراوند الذي شهد إصلاحات قبل أشهر قليلة فقط. إلا أن مفاجأة غير متوقعة كانت تنتظرهم يوم المباراة، حيث وجدوا ملعبهم في حالة من الدمار الشامل. وما زال مرتكبو هذا العمل التخريبي ينعمون بالحرية، لأنهم مجموعة من الخنازير البرية ليس إلا!
وبالإضافة إلى أحوال الطقس، تعد الأسباب الصحية من أكثر أسباب إلغاء المباريات. فوباء أنفلونزا H1N1 أرغم الإتحاد الفرنسي على تأجيل مباراة الكلاسيكو بين مارسيليا وباريس سان جيرمان ومباراة موناكو ومونبلييه. وفي الدوري التشيكي اضطر فريق إف كي تيبليس إلى إلغاء لقائه ضد فيكتوريا بيلسن لأن عشرة فقط من لاعبيه كانوا مؤهلين لخوض المباراة!
ويذكّر هذا الفيروس بأحداث تفشي داء المتلازمة التنفسية الحادة (SARS) في 2003، والذي تسبب في إلغاء العديد من المباريات في عالم كرة القدم. ففي ذلك العام، تقرر إلغاء بطولة بأكملها وهي نهائيات كأس العالم للسيدات FIFA والتي كانت من المقرر أن تجرى في الصين ليتحول مقر إقامتها بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن بين الأحداث الطريفة التي أدت إلى إلغاء مباراة دور الستة عشر من كوبا ليبرتادوريس بين ريفر بلايت الأرجنتيني وأمريكا المكسيكي هي عدم حضور حكم المباراة البرازيلي ماركو ريزيندي والذي لم يتم إخطاره بموعد المباراة التي كان من المقرر إقامتها على ملعب مونيومينتال. وبينما انتظر لاعبو الفريقين والجمهور الكبير ظهور حكم اللقاء، كان ريزيندي لا يزال في البرازيل يطالع التلفاز
منقول عن موقع الفيفا